google_protectAndRun("ads_core.google_render_ad", google_handleError, google_render_ad);
[SIZE=7]تعتبر الحرب التي تشنها إسرائيل على قطاع غزة ضربا من الجنون السياسي. فهذه الحرب هي نتاج مجتمع مضطرب إلى أقصى الحدود، إذ انه غير قادر على ضبط عجرفته العسكرية ولا على تهدئة شعوره العميق بالاضطهاد. ومن المرجح أن تكون العواقب مؤلمة في الأفق الإسرائيلي على المدى الطويل.
وتبعد هذه الحرب الوحشية، التي تجعل الفلسطينيين أكثر تطرفا وتؤجج مشاعر الغضب في العالم العربي والإسلامي، إمكانية انخراط إسرائيل سلميا في المنطقة في المستقبل المنظور. وقد يشكل ذلك هدف إسرائيل الأساسي المثير للسخرية بما أنها تريد الهيمنة وليس التعايش السلمي.
وفي الواقع، أكدت الحرب ما بدا واضحا منذ زمن طويل، وهو أن إسرائيل لا تملك مصلحة في التوصل إلى سلام متفاوض عليه. فالسلام يعني التراجع والتنازل عن الأراضي فيما إسرائيل لا تزال مصممة على التوسع. وهذا ما يفسر سرقة أراضي الضفة الغربية وتزايد عدد المستوطنات بسرعة فائقة، فضلا عن تدمير منازل الفلسطينيين وبناء الجدار الأمني وشبكة الطرقات الخاصة بالمستوطنين والتضييق الاقتصادي على الفلسطينيين من خلال 600 نقطة تفتيش، ناهيك عن مضايقات قاسية أخرى.
ولعل السلام هو المتضرر الأساسي من جراء هذه الحرب. فهو ميت على غرار الجثث الهامدة في غزة. وقد تم القضاء نهائيا على حل الدولتين وتم تعليق المحادثات الإسرائيلية - السورية وتم وأد خطة السلام العربية التي اقترحت السلام على إسرائيل وإقامة علاقات طبيعية مع الدول العربية الاثنتين والعشرين في حال وافقت على الانسحاب إلى حدود العام 1967، في حمام من الدم وفي الدمار الذي تخلفه الغارات.
ولا شك في أن أحد أهداف حرب إسرائيل يكمن في الاستيلاء على أي محاولة قد تقوم بها الإدارة الأميركية الجديدة بقيادة باراك أوباما لإعادة إطلاق عملية السلام المحتضرة. وستتم خسارة أشهر مهمة حاليا للملمة الفوضى. أما في ما يتعلق بإدارة بوش المنتهية ولايتها، فلا شك أن الأكاذيب الواضحة الصادرة على لسان كوندوليزا رايس التي حملت حركة «حماس» مسؤولية الحرب، هي السمة السياسية لأقل وزراء الخارجية الأميركية فعالية في العصور الحديثة.
ولم تحبذ إسرائيل يوما المعتدلين الفلسطينيين لسبب بسيط وهو أنه يجب أن تقدم إليهم التنازلات. وبغية تجنب الانجرار إلى المفاوضات، فضلت المتطرفين الفلسطينيين وكانت تبذل كل ما بوسعها لإنتاجهم عندما يغيبوا. وتتردد لازمة معروفة في الأوساط الإسرائيلية مفادها «كيف يمكنك أن تتفاوض مع شخص يريد أن يقتلك؟»
وأثبتت الحرب على قطاع غزة، رفض إسرائيل العميق لأي تعبير عن القومية الفلسطينية. والدليل على ذلك هو ستون عاما من الحروب والاغتيالات والمجازر. ويبدو أن الزعماء الإسرائيليين يخافون، عن قصد أو عن غير قصد، من أن يؤدي الاعتراف بالتطلعات الفلسطينية إلى إضعاف شرعية مؤسستهم الوطنية.
وربما تم شن الحرب لأن حركة «حماس» أبدت أخيرا إشارات تدل على توجه معتدل. فقد عبر المتحدثون الرئيسيون باسمها بمن فيهم خالد مشعل، رئيس المكتب السياسي، عن استعدادهم للقبول بدولة فلسطينية ضمن حدود العام 1967. وفوجئت إسرائيل أنهم بدأوا بإبعاد أنفسهم عن شرعة الحركة التي أعدت في العام 1987 والتي تدعو إلى تدمير إسرائيل.
وشكلت صواريخ القسام إحراجا كبيرا للحكومة الإسرائيلية. فهي لم تكن قادرة على وقفها إلا بعد الاتفاق على هدنة. وأغضبت الصوا